سورة الزلزلة - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزلزلة)


        


{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)}
أما قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا} فاعلم أن ابن مسعود قرأ: {تنبيء أَخْبَارَهَا} وسعيد بن جبير تنبيء ثم فيه سؤالات:
الأول: أين مفعولا {تحدث}؟
الجواب: قد حذف أولهما والثاني أخبارها وأصله تحدث الخلق أخبارها إلا أن المقصود ذكر تحديثها الأخبار لا ذكر الخلق تعظيماً.
السؤال الثاني: ما معنى تحديث الأرض؟ قلنا فيه وجوه:
أحدها: وهو قول أبي مسلم يومئذ يتبين لكل أحد جزاء عمله فكأنها حدثت بذلك، كقولك الدار تحدثنا بأنها كانت مسكونة فكذا انتقاض الأرض بسبب الزلزلة تحدث أن الدنيا قد انقضت وأن الآخرة قد أقبلت والثاني: وهو قول الجمهور: أن الله تعالى يجعل الأرض حيواناً عاقلاً ناطقاً ويعرفها جميع ما عمل أهلها فحينئذ تشهد لمن أطاع وعلى من عصي، قال عليه السلام: «إن الأرض لتخبر يوم القيامة بكل عمل عمل عليها» ثم تلا هذه الآية وهذا على مذهبنا غير بعيد لأن البنية عندنا ليست شرطاً لقبول الحياة، فالأرض مع بقائها على شكلها ويبسها وقشفها يخلق الله فيها الحياة والنطق، والمقصود كأن الأرض تشكو من العصاة وتشكر من أطاع الله، فنقول: إن فلاناً صلى وزكى وصام وحج في، وإن فلاناً كفر وزنى وسرق وجار، حتى يود الكافر أن يساق إلى النار، وكان علي عليه السلام: إذا فرغ بيت المال صلى فيه ركعتين ويقول: لتشهدن أني ملأتك بحق وفرغتك بحق والقول الثالث: وهو قول المعتزلة: أن الكلام يجوز خلقه في الجماد، فلا يبعد أن يخلق الله تعالى في الأرض حال كونها جماداً أصواتاً مقطعة مخصوصة فيكون المتكلم والشاهد على هذا التقدير هو الله تعالى.
السؤال الثالث: (إذ) و(يومئذ) ما ناصبهما؟
الجواب: (يومئذ) بدل من إذا وناصبهما {تحدث}.
السؤال الرابع: لفظ التحديث يفيد الاستئناس وهناك لا استئناس فما وجه هذا اللفظ الجواب: أن الأرض كأنها تبث شكواها إلى أولياء الله وملائكته.


{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)}
أما قوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا} ففيه سؤالان:
السؤال الأول: بم تعلقت الباء في قوله: {بِأَنَّ رَبَّكَ}؟
الجواب: بتحدث، ومعناه تحدث أخبارها بسبب إيحاء ربك لها.
السؤال الثاني: لم لم يقل أوحى إليها؟
الجواب: فيه وجهان الأول: قال أبو عبيدة: {أوحى لَهَا} أي أوحى إليها وأنشد العجاج:
أوحى لها القرار فاستقرت ***
الثاني: لعله إنما قال لها: أي فعلنا ذلك لأجلها حتى تتوسل الأرض بذلك إلى التشفي من العصاة.


{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6)}
قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس أَشْتَاتاً لّيُرَوْاْ أعمالهم} الصدور ضد الورد فالوارد الجائي والصادر والمنصرف وأشتاتاً متفرقين، فيحتمل أن يردوا الأرض، ثم يصدرون عنها الأرض إلى عرصة القيامة، ويحتمل أن يردوا عرصة القيامة للمحاسبة ثم يصدرون عنها إلى موضع الثواب والعقاب، فإن قوله: {أَشْتَاتاً} أقرب إلى الوجه الأول ولفظة الصدر أقرب إلى الوجه الثاني، وقوله: {لّيُرَوْاْ أعمالهم} أقرب إلى الوجه الأول لأن رؤية أعمالهم مكتوبة في الصحائف أقرب إلى الحقيقة من رؤية جزاء الأعمال، وإن صح أيضاً أن يحمل على رؤية جزاء الأعمال، وقوله: {أَشْتَاتاً} فيه وجوه:
أحدها: أن بعضهم يذهب إلى الموقف راكباً مع الثياب الحسنة وبياض الوجه والمنادي ينادي بين يديه: هذا ولي الله، وآخرون يذهب بهم سود الوجوه حفاة عراة مع السلاسل والأغلال والمنادي ينادي بين يديه هذا عدو الله.
وثانيها: {أشتاتاً} أي كل فريق مع شكله اليهودي مع اليهودي والنصراني مع النصراني.
وثالثها: أشتاتاً من أقطار الأرض من كل ناحية، ثم إنه سبحانه ذكر المقصود وقال: {لّيُرَوْاْ أعمالهم} قال بعضهم: ليروا صحائف أعمالهم، لأن الكتابة يوضع بين يدي الرجل فيقول: هذا طلاقك وبيعك هل تراه والمرئي وهو الكتاب وقال آخرون: ليروا جزاء أعمالهم، وهو الجنة أو النار، وإنما أوقع اسم العمل على الجزاء لأنه الجزاء وفاق، فكأنه نفس العمل بل المجاز في ذلك أدخل من الحقيقة، وفي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: {لّيُرَوْاْ} بالفتح.

1 | 2 | 3